أيقونة القيامة – النزول الى الجحيم
أيقونتا القيامة
القيامة في الرسم المقدّس، “نزول الى الجحيم” و “قبر فارغ” وكثيراً ما كتب عن هاتين اللوحتين في الأدب الكنسيّ
في موضوع أيقونة “نزول الى الجحيم”، وإن لم يكتب عنه في الأناجيل، الاّ أنه وصلنا بواسطة التقليد المسيحيّ الأصيل. فهو مستلهم جزئيّاً من الأناجيل المنحولة وله جذور في كتابات الرسل: “أمّا أنّه صعد (المسيح)، فما هو الاّ أنه نزل أيضاً أولاً الى أقسام الأرض السفلى” (أفسس 9:4) ، “فإنّه لأجل هذا بُشِّرَ الموتى أيضاً لكي يدانوا …” (1 بطرس 19:3) . وفي أقوال آباء الكنيسة “أخمد الموت حين قبله وسبى الجحيم بنزوله إليها” ، (الذهبي الفم)، وفي الطقوس أيضاً، “لقد سحقت المتاريس الأبديّة التي كانت تمسك الأسرى” (سحريات الفصح)، “… مزّقت رباطات الموت العسر انحلالها وكسرت أقفال الجحيم … منيراً للجالسين في الظلمة وظلال الموت ” ، (صلاة السجدة في عيد العنصرة) . ما هو الجحيم في مفهومه الكتابيّ؟ إنّه مكان تجمّع الراقدين بحالة انتظار لا مكافأة فيها ولا عقاب. الجحيم يختلف عن “جهنّم” الذي هو مكان يأس قاتم وحالة “لا أمل”، إنّه مأساويّ أكثر من الموت لأنّه قلق دائم وتمزيق أبديّ! إذا نزول السيّد الى الجحيم يكرّس انتصاره النهائيّ على الموت، “نزلت الى الأرض لتخلّص آدم وبما أنّك لم تجده لحقت به الى أقصى الجحيم” (سحر الفصح)؛ وبعد هذا الإنتصار الرائع، لم يبق من هذا الإقتحام سوى غبار، شظايا، خربة، فناء، عدم … سرّ المعموديّة يرمز الى هذا النزول في معناه العميق: عندما يغطس الطفل في الماء ثم يخرج منها، تشير تلك العمليّة الى نزول الى الجحيم وخروج منها
لنتأمّل الأيقونة، إنها روعة الفنّ البيزنطيّ واتقان عظيم في اختيار الألوان وأداء الحركة. يبدو لنا المخلّص ببهائه السماويّ الممجّد، مرتدياً ثوباً ناصع البياض، محاطاً بهالات مشعّة … الناظر يبهر لأوّل وهلة بهذا الإشعاع المنبعث من بياض المسيح، وكلّ ما يفوح من كيانه البهيّ البارز، بخاصة في الإطار المظلم . ويقال إنّ اللون الأبيض هو أصعب ما يستطيع رسّام أن يؤدّيه! يبهر الناظر أيضاً من تلك الحركة الضمنيّة التي تنبعث منها : يبدو المسيح وكأنّه يقفز، يحمل طاقات الحياة المتفجّرة، بحيويّة الروح القدس، وكأنّي بتلك الطاقات نوويّة منعشة، ضغطت في القبر فانفجرت بقوّة هائلة! إنّه منتصب على أداة انتصاره أي الصليب، والجحيم محطّمة عند موطئ قدميه الممثّلة بآثار استبعادها الظالم: سلاسل متكسّرة، أقفال مبعثرة، مفاتيح ملقاة ومسامير منتشرة … إنّه النور يتسرّب الى أعماق الظلمة، حيث يلبد الشرّ في كثافته القاتمة، وهناك ينتظره أبرار العهد القديم وملوكه وطبعاً الجدّان الأوّلان آدم وحواء: يمدّ لهما يد الخلاص ليخرجهما من القبر المظلم. المسيح يظهر هنا “بازغاً من خدرٍ”، قائماً من بين الأموات: لقد تمّ اتحاده الكلّي مع خليقته
الأيقونة – شرح وتأمّل