أيقونة الصليب
هذه الأيقونة من التراث البيزنطيّ، تتّصف ببساطتها وبساطة العناصر التي تكوّنها
المسيح على الصليب بين مريم ويوحنّا، الشمس، والجمجمة تحت قدميّ المصلوب. فوق رأس يسوع كتب بالحروف اليونانيّة “الصلب” والى اليمين “هذه هي أمّك” والى الشمال هذا هو إبنك
وقفة مريم ويوحنّا، وإن كان فيها شيء من التصلّب، إنما هي مفعمة بالرأفة، ومطبوعة بصفاء لا متناهٍ، وينبعث منها سكون هادئ. لا اضطراب في حزن مريم ولا هيجان، لا قلق في وضع يد يوحنّا على خدّه، بل ألم صميميّ. مريم تشير بيدها اليمنى الى المصلوب، توجّه أنظارنا إليه، وأمّا يدها اليسرى فقريبة من حنجرتها التي خنقها الحزن، وكأنها تريد فكّ عقدة تشنّجها من فرط الألم؛ إنّها متجمّدة في آلامها، مختنقة بعبراتها
المخلّص على الصليب ليس بإنسان منهك القوى ومضنى من الألم، إنه جسد هادئ معلّق بطريقة أثريّة، بخفّة فائقة يبرز على الخشبة: جسده مقوّس، منحنٍ نحو أمّه. إنه في كلّ حال سيّد موته وسيّد حياته لا يفقد شيئاّ من عظمته وهيبته وحلاله. الدم الممزوج بالماء المتدفّق من جنبه المطعون علامة الحياة المستمرّة، علامة ولادة الكنيسة
الصليب، ميزان العدل والقدرة، ثغرة في الأزليّة، يبرز في الوسط، مزروعاً بمتانة في الأرض وكأنّه صلة الوصل السريّة بين الجحيم والملكوت
تحت قدميّ يسوع جمجمة، والتقليد يرجّح أنّها جمجمة آدم، رمز الإنسان الأوّل وبه تُرش المسكونة كلّها بدم المسيح. آدم الأوّل والثاني يلتقيان، يؤلفان قطبين متركّزين، موجودين في كلّ إنسان. وعلى هذا الأخير أن يختار، بملء إرادته، محور وجوده
الشمس أظلمت ولذلك هي موجودة عن يمين المصلوب، “لمّا شاهدتك الشمس على الصليب معلّقاً التحفت بالقتام والأرض نموّجت خوفاّ وحجاب الهيكل تمزّق” – من قراءات خدمة الآلام
الأيقونة – شرح و تأمّل